على مدى الأيام الأخيرة، كانت المعلومات عن إستخدام المال الإنتخابي في الإنتخابات البلدية في مدينة جونية هي حديث الساعة، لا سيما بعد أن ضُبطت حالة موثقة مباشرة على شاشات التلفاز، لكن السؤال الأبرز الذي يطرح في هذه الآونة، متعلق بالنتيجة التي توصلت لها التحقيقات، بعد أن كانت اللائحتان المتنافستان تتبادلان الإتهامات على نطاق واسع.
من الثري الأفريقي الذي جاء ليحوّل المعركة البلدية إلى رئاسة مصغّرة، مروراً بكل الإتهامات التي وزّعت على نطاق واسع، حصرت القضية بملف واحد تمت متابعته من الأجهزة الأمنية، بسبب توفّر الأدلّة القاطعة فيه، بالرغم من أنّ المعلومات تحدّثت عن أن قيمة الأموال التي دفعت فاقت 3 مليون دولار بالحد الأدنى، الأمر الذي تعلق عليه مصادر متابعة بالقول: "لم نثبت دفع أكثر من 600 دولار، بالرغم من أن القضية بالملايين، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال مراقبة الحركة الإنتخابية، ولا يمكن إنكاره على الإطلاق".
وتشير هذه المصادر إلى أن المعلومات التي لديها تؤكد دفع أموال إنتخابية، لشراء أصوات تضمن الفوز بالمجلس البلدي، من قبل جميع الجهات، وتلفت إلى أن الأماكن التي حصلت فيها هذه المخالفات كانت معلومة، وتضيف: "أحدها كان بالقرب من مركز أمني، لكن لم يتم توثيق كل هذه المعلومات"، الأمر الذي يثير السخرية على نحو كبير من وجهة نظرها، بسبب عدم حصول أي مداهمة من قبل أي جهاز لهذه الأماكن أو المراكز.
إنطلاقاً من هذه المعطيات، باتت قضية الرُشى المالية محصورة بالملف الذي تم رصده من قبل وسائل الإعلام، أي 600 دولار التي كانت تدفع على أساس أنها لشراء 3 أصوات، لكن إلى ماذا توصلت التحقيقات التي أجريت على هذا الصعيد؟
بحسب المعلومات التي حصلت عليها "النشرة" من مصادر موثوقة، الشخص الذي ظهر في الفيديو المصور يدعى "ر. ب"، وقد تم توقيفه مباشرة، وهو تحدث بالتحقيق معه أنه "موظف صغير"، لكنه أكد أن المبالغ التي دفعت عبره وصلت إلى ما يقارب 20000 دولار، وذكر اسماً آخر في التحقيق يدعى ا. ع.
بناء على هذه المعلومة المهمة، تم إحضار "أ. ع" إلى التحقيق، خصوصاً بعد أن تمت الإشارة إلى أن عمليات الدفع حصلت في مكان يملكه هو شخصياً، إلا أن "أ.ع" أنكر هذا الأمر، وأدّى التحقيق معه إلى الوصول إلى شخص ثالث يدعى "ط. ع".
وتشير المعلومات إلى أن التحقيقات لم تتوقف عند الأشخاص الثلاثة المذكورين، بل شملت شخصاً رابعاً يدعى "ط. ح"، الذي صدر أمر بتوقيفه سريعاً، لكن القوة التي كانت مكلفة بهذه المهمة عادت أدراجها بعد وقت قصير، بعد أن علمت أن "ط. ح" سيحضر شخصياً من تلقاء نفسه إلى مركز التحقيق، وبالتالي لا داعي إلى حصول مداهمة أو أي أمر آخر لتحقيق الهدف.
خلال التحقيق مع "ط. ح"، تم إنهاء الملفّ بطريقة غريبة، بحسب ما تؤكد المصادر الموثوقة، بعد أن أفاد بأن المبالغ التي دُفِعت هي عبارة عن "مساعدات" قدمت إلى المندوبين الإنتخابيين، أي "سندويشات" وما يعرف بـ"بونات بنزين"، من دون أن تُعرف القيمة الفعلية لهذه "المساعدات" أو المستفيدين منها، نافياً دفع أي مبالغ لشراء أصوات.
بالنسبة إلى "ر. ب"، أكد "ط.ح" أنه تصرف من تلقاء نفسه، وهو لا يستطيع أن يعرف ماذا يفعل كل شخص، ليتم ختم التحقيق بهذه القضية بعد ذلك، حيث تم إخلاء سبيل جميع الموقوفين باستثناء "ر. ب"، الذي ترجح المصادر حصر الملف به شخصياً، نظراً إلى أن ما قام به موثق بالصوت والصورة.
في المحصلة، ختمت قضية الرشاوى المالية في الإنتخابات البلدية في مدينة جونية عند هذا الحد، "تبخرت" الملايين التي تم الحديث عنها ليبقى منها 600 دولار أميركي فقط، أما المتهمون فهم شخص واحد هو "ر. ب"، الذي لا يمكن أن يكون قد تصرف من تلقاء نفسه، بانتظار وصول التحقيقات إلى القضاء المختص، مع العلم أن هناك معلومات عن "طعن" ستتقدم به لائحة "جونية التجدد"، أمام مجلس شورى الدولة، في الساعات القليلة المقبلة، لكن هذا التوجه لم يحسم بعد، نظراً إلى أن فيه جوانب سياسية وقانونية.